خاطرة: وطن جريح و شعب في المنفى...
قررت العودة إلى وطني (الصحراء الغربية) بعد سنوات من الغربة و لكنني منعت الدخول، استقربت الأمر فسألت نفسي ، ما السبب؟ و لكن لم اجد جواباً ، فلجأت إلى صديق وفيا كان لي سندا في كل لحظات حياتي، نعم دفتري و قلمي ، بدأت أفكر و أطرح مجموعة من الأسئلة قد تكون سببا في منعي من دخول بلادي، و لكن لم تكن كافية، كنت متعبة و صديقي كذلك، وضعت رأسي على دفتري و غرقت في النوم ، ، حين إذن سمعت صوت اعرفه تمام المعرفة، صوت حنين ، اشعرني بالدفء و الاطمئنان و لكن للأسف كان صوت حزين و كأنه عجوزاً هرم و مل من متاعب الحياة أو يتيم فقد ابويه فانتثر كل من حوله، كان رنين كلماته مشوشة في اذني و كأنها الحان طرب حزين ،أاطال عليكم الانتظار و أمل العودة إلى أرضنا المحررة؟ هذا كان أول سؤال نطق به ذلك الصوت، لا اعرف اذا كنت سأعاتب نفسي لأنني لم ارعاكم أو قصرت في إعطائكم زادكم من الأمل و أن أسقيكم كأسا يوميا من الصبر ، او اعاتبكم انتم لأنكم كبرتم و لم تعد تهتموا بما اقدم لكم ،لا اعرف اذا كنت سأعاتب نفسي على هرمي و قلت حيلتي أم اعاتبكم على عدم مرعاتكم لي. انتم احفادي و أبناء ابنائي الذين احتضنتهم من 75 و عزمنا و قسمنا و قطعنا الوعد على انفسنا أن (لا اوجود و لا مستقبل للصحراويين إلا في وطنهم الحر، المستغل الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية) ، نحن من اعتصمنا فداء لشهدائنا الابرار و رفعنا الأعلام و قلنا( كل الوطن أو الشهادة) .ابنائي انا افتخر و انا أراكم رجالا و نساء، تنيرو و تزينو و تقدموا مختلف الخدمات في كل أنحاء العالم ، كيف لا افتخر و منكم المهندس و الطبيب و السفير ، و الصحافي و الكاتب و الرسام و الشيف و حتى رجال الأعمال، فكيف لا تفتخر الأم بانتصار أبنائها،
لا اعاتبكم على شجاعتكم و ارادتكم و إصراركم على تحقيق مستقبل أفضل، فهذا من حقكم و انا على علم بأننا في زمن التطور و التحضر و التكنولوجيا و اعرف أن أحلامكم و طمحاتكم كبرت معكم، اعلم أن الرمال و الصحراء القاحلة لم تعد تأنسكم، اعرف أن كثرت ألوان التلفزيون و كثرت برامجها و خاصة التي تتحدث عن حرية الشباب و التقدم و الموضا و غيرها ... و صارت ( تاكتيك مملة) هل حقا هي في نظركم تمثل الحياة في الصحراء الغربية؟ هل حقا تظنون أن لا مستقبل لمن فيها؟ ربما ليست كالحياة في اسبانيا و لا في فرنسا و لا غيرها من الدول التي تعتبر في نظركم متقدمة، لكن هذا و طنكم الذي يروي قصص طفولتكم، هذا و طنكم الذي تربيتم ، كبرتم و ترعرعتم فيه ، يؤلمني أن أرى هذا الوطن يعود كما دخلناه لأول مرة صحراء قاحلة ( لحمادة) ، يؤلمني مشاهدة كيف تغيرت مبادئنا و تغيرت طريقة المعاملة بين الجيران و كل ذلك تحت شعار التطور و الحضارة ، صارت الخيمة الصحراوية غير صالحة للسكن و خطيرة على الحياة و المياه غير صالحة للشرب و البنيان ضروري أن يكون ( بالسيمة و المسمار) و الأولاد لا يسمح لهم باللعب مع غيرهم ، خوفاً من أن تتسخ ثيابهم من الرمال و هم أيضا بصفتهم جيل المستقبل يفضلون اللعب بالهاتف أو مشاهدة التلفزيون، الا تشعرون بالألم و انتم تمشون في الشوارع الخالية كتائه أضاع سبيله؟ تأملوا معي أين تجمعات الجيران على الشاي؟ أين السهرات الرمضانية بين العائلات؟ أين املكم بأننا سننتصر ؟ فكما قيل و صح القائل بأن لو طال الليل ما طال لا بدأ من الفجر.
أبنائي الأعزاء أنا أشعر بما تشعرون به و أعرف أن الأمل يخيب و أن الصبر ينفذ و أن النفس تمل و تتعب، و لكن الا ترون أني اصبحت صما ، عميا و أعجز عن السير و لكن لا أبالي فأنتم شباب الحاضر و جيل المستقبل، أنتم هم كل احاسيسي، أنا موطن الجميع و موطني في قلب و ضمير كل من يمشي في شرايينه دم صحراوي الذي سيظل دائما فخركم و اعتزازكم ، و تذكروا بأن الرزق بيد الله عز و جل.
و لعلى فيروس كورونا يكون سبباً لتأمل و التفكير بأن السعادة الحقيقية هي الصحة و العافية النفسية و الجسدية و ذلك لا يدرك الا بالتقوى والعمل الصالح و التواجد مع اهالينا و من نحب.
قلبي يتفطر و انا أراكم تتوافدون في كل الدول المصابة بالفيروس كورونا و وطنكم سليما معافى و لله الحمد. ادعو الله لكم أن يحفظكم أينما انتم و أن ييسر لكم كل طرقكم و يحقق اهدافكم.
فلا تنسو العودة دائما إلى وطنكم ، فهو في أمس الحاجة إليكم و تذكروا أن لا يستقر المرء إلا في بيته و بلاده ، فلنا قضيةو لن نستسلم حتى نسترجع ما أخذا منا.
و لعلي لم أكون واضحة في تعريف بنفسي انا وطنكم العزيز ،انا الصحراء الغربية.
استيقظت من النوم وأدركت حينها بأنه كان حلم تداول فيه الكثير من الحقائق و أن لم يمنعني دخول وطني إلا نفسي ، و ربما الحوار لم يكن معي لمفردي بل كان يشمل كل أبناء الصحراء الغربية و ليس لغرض المعاتبة بل كان بغرض التخفيف من آلامه .
كان حلم كالمصباح ، أضاء طريقي و إتضحت أفكاري ، أردت أن أشارك صديقي بما حصل ، فأشرعت في الكتابته في دفتري.
#بقلم سعاد الزين 🖋️
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق