> قصة اجتماعية :بين احضان الاستعمار - قصص من واقع المخيم

إعلان اعلى المقالة

إعلن هنــــا

السبت، 4 أبريل 2020

قصة اجتماعية :بين احضان الاستعمار

قصة اجتماعية :بين احضان الاستعمار


قصة اجتماعية :بين احضان الاستعمار


في احدى الشوارع كان رجل يمشى قبيح الوجه انيق المظهر يلقبونه بالإستعمار فدخل احدى المطاعم الفاخرة و جلس يشرب كوب من القهوة في منتصف النهار حتى رأى فتاة تدخل الى هناك بلبسها الانيق و جمالها الأسر فوقع في غرامها فضاعت عيناه فيها و اصبحت تحوم باحثة عن جواب لسؤال القلب "من تكون" فدخلت و بدأت تتكلم مع نادلة المطعم ثم استدارت قاصدة الذهاب فسمع النادلة تقول لها  _يا ثورة لقد نسيت معطفك!               فدرى بأسمها و صار لا يفكر الا بها و اصبح يأتي كل يوم الى ذلك المطعم بغية رؤيتها و الغرق في جمالها و بما ان المطعم كان باهظ الثمن ادرك انه مع كل يوم اصبح ماله يتلاشى و مع ذلك ظل يأتي الى ذلك المطعم.

في احدى الايام و في الظهيرة شعر ان نسمات الجرأة تخللته في ذلك اعترض طريقها و وقف امامها و قال لها بكل صراحة و بدون اي مقدمات.      _لقد وقعت في حبك في اول مرة رأيتك فيها فأصبحت لي و ملكي و لا استطيع التفكير الا بك.            فوقفت مندهشة و مستغربة و قالت له.                    _من انت ؟و من تكون؟ و متى اصبحت لك؟                                                                                                 فوقف صامتا بدون اي حراك و لا كلام فشعر بكتف يلامس كتفه الايمن بقوة فعلم انها كانت هي من ضربته بكتفها و تجاهلته و ذهبت.                                                         بعد مرور ايام لم يستسلم و ظل يأتي الى ذلك المطعم و يجلس فيه و ينتظرها حتى تأتي لكي يشاهد حبيبته عن قرب و في احدى المرات دخل كالعادة و انتظرها حتى تأتي و عند اوصولها رأته و لاحظ فيها ملامح الذعر و رأى انها تهمس الى صاحبة المطعم (النادلة)بشئ و فجأة لاحظها تتجه اليه و عيناها يكاد يفور منهما البركان و عند اوصولها له وقف من الدهشة و قالت له.                                                         _من انت؟ هل تتعقبي  ؟مالذي تريده ؟واقفتا منتظرة الاجابة منه فكانت ردة فعله انه انحنى قليلا و قرب عيناه من عينيها و نظر اليها و قال.                                             _نعم كنت اتبعك و علاوة على ذلك انا احبك و مهووس بك بكل جرأة ففجأة شعر تلمس خده بقوة فكانت الصدمة انه ادرك انها صفعته و بكل قوة،فعندما نظر اليها فقالت له.                                                                                                      _مريض نفسي!                      و استدارت و ذهبت حتى اوقفها بكلامه و قال  لها                     _اهربي كيف ما شئت و متى ما شئت لكنك لي و ستبقين لي و سأظل استدرجك حتى تصبحين ملكي و تكوني اسيرة في سجن احضاني و ان لم تكوني كذلك سأحرق العالم و احرق نفسي                                                                           _ارتعبت من قوله حتى سمعت صديقتها تقول لها                                              _اهدئي كله افتراء لن يحصل شي من هذا                                                          بعد مرور عشرين يوم بدون ان تراه و تفاجئت انه لم يعد يأتي الى ذلك المطعم فسألت صديقتها(النادلة)يوم و قالت لها

-اين هو المريض النفسي؟
-لا اعلم،اختفى عن الانظار
-هل ابوح لكم بشي ؟
-بالطبع ماذا؟
-غيابه هذا لا يريحني اشعر انها ستأتي عاصفة بعد كل هذا الضباب الهادئ
-لا تشغلي تفكيرك بهذا و تملئي قلبك بهذا الذعر
بعد مرور عشرة ايام اخرى حتى اصبح شهر كانت ثورة تمشي متجهة الى بيت عمها فهي كانت يتيمة و لم يكفلها غير عمها،تمشي شاردة الذهن تتذكر العذاب و القهر الذي سببه لها عمها منذ صغرها عندما توفيا عنها والديها في السابعة من عمرها فكان عمها بناء على فقرهم و عدم تحملهم له كان يجبرها على العمل لكي تجني له المال و هي في التاسعة من عمرها.
ذات ليلة دخلت الى البيت و راتبها ناقص و هو مدرك لذلك و هي ترتجف خوفا فسألها بكل غضب و صرخ في وجهها
-اين باقي الراتب؟لماذا راتبك ناقص؟
-انا اسفة يا عمي و هي تذرف الدموع
فقال لها بصراحة
-هل تعلميين انني استطيع ان ابيعك من اجل المال بكل شجع و انانية
تردت تلك الذكريات الأليمة و تابعت طريقها متجهة الى بيت عمها و كانت الصاعقة انها عندما دخلت رأت الوجه التي لم تره منذ مدة وجدت عمها جالسا مع الاستعمار و بجانبهما رجلان و كانت المفاجأة الاكثر ان عمها استقبلها بلطف و قال لها
-ادخلي يا عزيزتي لقد كنا بإنتظارك
التفت الى الرجل الذي امامه و قال له هاهي العروس
-اعقد القران
فإندهشت و وقفت كالصنم من صدمتها و قالت له وهي  تصرخ في وجهه لأول مرة
-ماهذا الهراء ياعمي مالذي يجري  هنا انا لم اعد طفلتك التي تتحكم بها  كما شئت
اخذها من ذراعها و شده بقوة و قال لها
-نعم لازلت تلك الطفلة  التي   اتحكم بها كيف ما شئت لأنك في عاتقي الان و انا ولي امرك و دفعها حتى جلست بجنب الاستعمار و بدأت تذرف الدموع فأخذ يدها و وضع فيها القلم الذي ستوقع به و شد يدها بكل و هي مقاومة و متصدية و هي لازالت تقاوم فلم يستطع جعلها توقع حتى اخذ سكين و بدأ يجرح يدها حتى وقعت بالغصب عنها
بعد مرور سنة على زواجهما بعد مرور كل تلك المدة من انواع التعذيب و القمع التي جعلتها تشعر انها تمشي في ذلك الدرج المظلم الذي لا نهاية له بعد معرفتها بما قالته الطبيبة لها
-انت حامل 
اصبح هدفها الوحيد هو محاولة منع الاستعمار بمعرفة حملها لأنها خائبة على ابنها و دائما تراودها كوابيس عن الافعال التي قد يؤذي بها زوجها ابنه.
بعد ثمانية اشهر و في احدى الليالي القاتمة  كانت جالسة و في يدها القطن المبتل من الدواء الذي تحاول به معالجة الندب التي سببها لها زوجها في كل مرة تذمه و ترفضه و عقلها ذاهب في الصاعقة التي تفوهت بها لها طبيبتها
-انت ضعيفة ياثورة بسبب الكدمات الموجودة في جسدك اصبحت لا تتحملين اكثر و جسدك اصبح ضعيفا جدا و ما يقلقني انك بسبب ذلك انت مضطرة للإختيار بين نفسك و الطفل فقط احديكما سيعيش
فردت عليها
-لقد اخترت حياة طفلي
-سأعطيك الوقت يا ثورة لكي تفكري
-لا وقت للتفكير فالشي الوحيد الذي يجعلني خائفة هو سلامة ابني و يرعبني بقائه بلا ام و مع ذلك المستبد
فجأة سمعت احدا يدق الباب بعنف فأدركت انه زوجها

فعند فتحها للباب لم تعي إلا يدان تحاصران عنقها و تخنقانها و أصابعه تكاد تختل عنقها لا تشعر إلا بأن أنفاسها تتقطع فصرخ في وجهها و قال
-كيف تخفين عني شيئا كهذا،انا زوجك و لي الحق في أن أعرف و انت تنظرين في عيني و تكذبين علي بكل وقاحة في كل مرة اسألك فيها عن بطنك المنتفخ فتخترعين الحجج و تنكرين،لقد تبعتك اليوم و علمت بكل شئ
ثم ضحك بسخرية و قال
-و ستضحين بنفسك من أجل هذا الطفل _لماذا ؟
إلا تعملين انني أحبك و سأحرق نفسي من بعدك ثم أطلق عنقها ببطئ و هي تلتقط الأنفاس فقالت له بصوت متقطع
-تريدني أن أعيش و انت لا تدرك انني......و بدأت بالسعال ثم اكملت
-انني ميتة منذ اليوم الذي تزوجتني فيه فلم أرى الحياة إلا سوداء حتى علمت بهذا الشي الصغير الموجود في بطني الذي حتى قبل أن يأتي للحياة بعث في السعادة و الأمل الذي ظننت انني اضعتهما منذ زمن طويل و سببا لكي أعيش،دافعا لأرى بصيص الضوء في وسط كل هذه العتمة بفضله أصبحت أقصر الألوان بعد كل هذه المدة
ثم تابعت قائلة
-لا استطيع ان ارميه في قاع الهلاك... بين يديك...فذهبت و تركته متكسرا و عاجز
بعد مرور ثمانية عشر سنة و كفاح واقف عند قبر امه متحصرا و متألما لأن الحياة لم تمنحه حتى لحظة ليرى امه فيها،شعر بيد تلامس كتفه الايسر فألتفت و رأى المرأة التي كفلته و ربته بعد موت امه و هي الطبيبة،أعطته رسالة و قالت له
-هذه من والدتك منذ أن هجرت الاستعمار و هربت منه تلك الليلة كتبتها لك لتعلم بمدى الألم، الحزن و التعاسة التي سببها لها والدك لتدرك انه الوحيد المتسبب في موتها و لكي لا تلوم نفسك على ذلك
ثم تابعت و تعابير وجهها تبدي الحسرة قائلتا
-حقا انا حاولت إنقاذها لكن أثار الضرب و الجروح التي كانت تلف جسدها كانت تعيقني،جعلتها ضعيفة و قربتها من الموت أكثر فأكثر
-يجب عليك ان تعود إلى أبيك و تأخذ منه الاشلاء التي تكسرت منها
فرد عليها و الدموع، الحقد و اللهفة للإنتقام تغمر عينيه
-سأعود،لن أترك موت أمي بلا انتقام
في أحدى الليالي المظلمة كان الاستعمار جالسا عند الشاطئ يدخن سيجارة مهموما يفكر بزوجته و ابنه الذي اختفى و لم يره مرة أخرى و عندما هم بالوقوف لم يشعر إلا بشئ صلب و بارد يلامس عنقه من الخلف فأدرك انه مسدس،بعد لحظات سمع من خلفه يقول
-لا تسترد فإن فعلت ذلك فأنت تلتفت للموت
اندهش و لم يتوقف عن تدخيين سيجارته و قال بكل برودة
-من انت؟و لما لم تأت منذ عندما خسرت أثمن ما لدي
لوهلة سمع من خلفه يقول
-ايها العجوز انت لا تستحق أن تعيش،لقد عذبتها بأبشع الطرق و استبددتها و كنت تقتلها كل يوم حولتها إلى امرأة يائسة،تعيسة،و لا هدف لها في الحياة، تركتني يتيما بلا مأوى و حرمتني من أحضانها
فسمعه يقول
-إذن انت ابني !
-لا تناديني هكذا يا مجرم!لم يستفيظ على نفسه إلا و هو ملقاة على الأرض و الم شديد يكاد يكسر رأسه و عندما لمس لاحظ انه ينزف فأدرك أن ابنه قد ضربه بالمسدس
قال و بكل حسرة و الم و رأسه منخفض
-لولا لم تكن انت لكانت هي ألان معي و بين أحضاني و عشنا بسعادة
أبصر ابنه يتجه اليه بسرعة،ضربه بقوة حتى سقط و صرخ قائلا
-لا تكذب على نفسك هي لم تكن لك فأنت لم تستحقها يوما أبدا
لم يعي نفسه إلا و هو يتبادل اللكمات و الضربات مع ابنه التي كل منهما يوجهها للأخر تلك اللكمات التي يملأها الشوق و الألم و الحقد و الحسرة في لحظة اخذ عنق ابنه و بدأ يخنقه بعنف حتى أصبحت أنفاسه تتقطع حتى سمعه يقول بصوت متقطع
-انت من قتلتها،لولا تلك الندب بعضنا معا الإثنين
اطلقه ببطئ و سقط أرضا متكسرا و انمزجت الدمعة التي كانت مأسورة في عينيه مع الدماء التي تقطي وجهه
بعد لحظات نهض و اخذ المسدس المرمي على الأرض و وضعه في يد ابنه و قال
-اقتلني لا استطيع العيش بهذا الذنب،ذنب قتل الإنسان الذي أحببته من جوارحي
بعد الخسارة و الحرمان و الألم و السجع و الظلم اخذ كفاح المسدس و وجهه بإتجاه ابيه و رد عليه و الدماء تلف وجهه
-هذا سبب اوجودي فأنا لن أكون ابنك و انت لن تكون ابي، بقاء أمي سيبقى خالدا معي بعد موتك ايها الظالم و سأضع نهاية لك و أطلق الرصاصة و قتله
لكل ظالم نهاية

بسبب الاستعمار أصبح بعضنا  و البعض الآخر يتيما و رأينا أبشع جوانب الحياة و مازلنا نراها، لا نحمل في قلوبنا إلا الحقد و الكراهية لأننا مدركين انه سيأتي اليوم اليوم الذي سنخرج أحرارا من كوننا سجناء الاستعمار،اليوم الذي سيختفي فيه و يتلاشى  فليعلم الاحتلال أننا كل مارأينا وجهه شعرنا بالأشمئزاز و أننا لم نكن له و لن نصبح كذلك.
لقد رأينا الخسارة و التضحية و الحرمان إلا أننا نعي أننا على الحافة التي نرى منها الحرية متمسكين بحبل الأمل لكي نصل إلى مبتغانا و هو الاستقلال لأنه لا أوجود لخلود الاحتلال.
ستأتي اللحظة التي ستتكسر فيها اوجوه الاستعمار و تتحطم قيوده و يسقط عاجزا عن الأوقوف مجددا و لأنك يا احتلال مهما عذبت و قمعت و استبددت و لجأة لكل الوسائل للقضاء علينا إلا انك لا تدرك أننا مازلنا هنا فسينتصر المظلوم على الظالم و الأمل على اليأس و الحرية على الإستعمار  نحن من منحناك البداية و النهاية تنتمي لنا......

مشاركة بإسم:Siyatu muhamad

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان

إعلان أسفل المقالة

إعلان متجاوب هنا

تواصل معنا

تغروين

من أنا

author موقع قصص من واقع المخيم هو منبر لمشاركة القصص من واقع المخيم باللغة العربية و اللهجة الحسانية.
أعرف المزيد ←

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جميع قصص من واقع المخيم