> رواية : 12 كتوبر، الجزء الثاني - قصص من واقع المخيم

إعلان اعلى المقالة

إعلن هنــــا

الخميس، 2 يناير 2020

رواية : 12 كتوبر، الجزء الثاني

رواية : 12 كتوبر، الجزء الثاني

رواية : 12 كتوبر، الجزء الثاني

اظن ان الحل الوحيد هو صديقك هذا! الطبيب النفسي...!

تقصد يعقوب !

نعم..

هل عندك رقم هاتفه الخلوي؟

بكل تأكيد،  لكنه في الخارج الان!

في اسبانيا!

نعم...

هل يعمل هناك! 

اظن يعمل ككل الصحراويين، اعمال مثل الحراسة والغسيل في المطاعم والفنادق،او استخراج الخضار والفواكه من المزارع ...الخ! 

كيف يعقل ان هناك طبيب مختص مثله يعمل مثل هذه الاعمال! 

لم يستخرج بعد الوثائق الازمة للعمل بشكل رسمي ،بالاضافة ان فرص العمل الرسمية في اوربا صعبة جدا.. !

والماذا لم يعمل هنا.؟

كان حلمه ان يعمل هنا، لكن مشاكل وسوء تفاهم مع الوزارة حال دون ذاك، وكانت النتيجة الطرد من العمل! 

حسنا  سأحاول ان افهم مشكلته مع الوزير ثم سأتكلم معه واتمنى ان يقبل دعوتنا...

اتمنى ذلك.... لكن لايمكن الاتصال به الان، فالوقت غير مناسب،  لنترك الموضوع الى الغد...!

يقولون ان الغد اجمل هههه ،  الغد مظلم، الغد بركة من السواد محاطة بكمية كبيرة من الاشباح .... اتظنون انكم ستنامون ههه لن تتركم الاشباح ، الموت الاسود واقف امام غرفكم هو الان يناديكم انه فوق رؤسكم ههههه! .. انه قريب منكم انا اراه ههههه!  هل تظن اني مجنونة ههه ههه ههه!
 لا لا..... لا أنا عاقلة،  واستطيع ان أشاهد الموت يحوم حولنا انه أمامي مباشرة هههه!  يجب ان تلقوا التحية عليه هههه!  هو مخيف ....بشع... هو شيطان بقرون حمراء!
أنا خائفة .....أنا حقا لا اعرف مابي!  أنا مرعوبة منهم! 

حالتها تزداد سوءاً،  اين اهلها يا احمد!؟

لقد منعنا زيارة الاهل في المساء،  مسموح لهم فقط بالفترة الصباحية!

لماذا!؟

نخاف ان يخرج المريضة عن السيطرة ويقتل اهله وهم نيام!

اه...!جميل ، وماذا عن المريض رقم 122 !؟ هل من جديد عن حالته؟ 

مازال نائم!  و اتمنى ان لا يستفيق ابدا! 

لماذا!؟

الجميع هنا يخاف منه،  حتى صاحب الرقية يتجنب الدخول عليه بدون حراسة!  هو مختلفة عن كل المرضى هنا! 

وماذا عن الزائر الجديد! ؟

المريض 357 مراهق لم يتجاوز الخامس عشر يهلوس، ويضحك ويبكي وحده،  وابوه رجل عجوز قالوا ان به مس شيطاني!  وهو الان تحت تأثير المنوم!

هل قرأ عليه الراقي! 

نعم، وقال انه تحدث مع الجني وهو في جدال معه ولا نعرف متى سيخرج !؟

سيخرج عندما يموت هههه! ،، صدقوني الموت لن يتركه يعيش هههه! إنه يحب الاطفال الصغار ،دمائهم مازالت نقية ولم تتلوث بعد بمكر البشر ههه ،انا اراه يتجول في كل مكان،  لقد تحدثت مع الموت بنفسي ههه! وقال انه سيبدأ بك انت يالدكتور سالم هههه، هو يحبك يالدكتور،  الموت كائن لطيف جداً، ولايرد منا سوء ان نرتاح من عذاب الدنيا،  هو الصديق الوحيد الذي يجب ان نثق به لاننا حين نمل من الدنيا يأتينا ليخرجنا من عذاب الدنيا،  الموت الاسود هههه!  لاتزجعوا و لا تخافوا هو لان سينام ههه!  لكنه اخبرني ان الغد سينزع اروحكم هههه! واحد بعد الاخر حتى المخطار اللعين سيقتله، وانت ايضا يااحمد لن تفلت منه ههههه انتم خائفون انا ايضا خائفة ومرعوبة...... ! 

يجب ان تتناول حبة مخدرة لتنام!  ان استمرت بهذا الحال، ربما....  ! المهم قم بإعطائها منوم! 

حاضر دكتور! 

________<صباح أوروبا>________

صباح ممل ككل يوم في هذه البقعة النتة من العالم،  عالم الغربة والممل،  اقضي اليوم ابحث عن عمل او نائم اهرب من الواقع وهمومه،  حياة الغربة اللعينة لها قوانينها الخاصة، لاتعترف بشهادات  او بتحصيلك الدراسي ، انت هنا انسان فاشل قادم من مكان مجهول تبحث عن لقمة العيش، تتساوى انت صاحب الشهادة الجامعية مع خريج سنة اول ابتدائي، تعملان كنادلين، او ك خادمين حقيرين عند رجل سكير نتن!، يحتقرك صباح مساء بألفاظه النتنة والكريهة الملئية بالحقد والعنصرية على العرب والمسلمين! بل يهين اصلك ويحتقرك لانك قادم من.... من... من عصر قبل العصر الحجري القديم من مخيم مصنوع من درابيل وبيوت طينية مصنوعة من بعر الحمير ويهنك على ...على.. على انتمائك لدولة موجودة في مخيلة أبنائها فقط، يسخرون منا برغم اننا لم نختر هذا الواقع بأنفسنا بل وجدنا أنفسه فيه.. !
 يالتعاستنا ....
كأننا خلقنا لنهان،  كأننا خلقنا لنتشرد بحثا عن الارض والاوطان... نحن مجرد حبة قبح اكلها غراب ومات في صحراء قاحلة بربك من سيعرف اننا وجدنا او موجودون من الاساس!
،يالصدف حتى مجرة ترب تبانة العملاقة ضاقت علينا ولم نجد فيها مكان! ، حتى القط الموزنبيقي افضل منا يكفي انه يقول انه من موزنبيق...!
حياة الغربة هي ملجئ من لا ملجئ له،  في الغربة تختفي الشهادات، تشعر ان سنوات الدراسة و السهر مجرد سراب ووهم كنت تعيشه طول تلك السنين ،حلم جميل سرعان مايذوب مع اول خطوة تخطوها في عالم الواقع المر في المخيم ، تذوب الالقاب وتنصهر 20 سنة من تعليم في كلمة ناااادل تسمعها باللغة كريهة من فم عجوز سكير يحتقرك ويهينك من اجل دارهم معدودة تحفظ بها ماء وجهك وتنسيك ولو للحظات مرارة الالم و فقدان الذات!

نادل يوزع الخمر او نادل يغسل الصحون او نادلة تركب حفاظات لعجوز  شمطاء هجرها اولادها ..! هل يحق لنا انفتخر ونبني العمارات وانت لقبك نادل !! هذا هو حلم معظمنا بعدما كنا نحلم بمكتب وادارة ومشاريع ..احلام..... احلام..... أحلام... اللعنة!! تبا!
لكن اللحظة
 وماذا عني...
ماذا افعل انا هنا!!؟  بطبعية الحال انا هنا لانسى اني طبيب واصبح نادل معه الالاف اليورهات ،وحين ادخل المخيم بقدرة قادر يصبح لقبي "بطرون"  !!  هذه هي فلسفة شعب وحكاية امة مقهورة.....!

في ذلك الصباح إستيقظت مبكراً، كنت قد بدأت في قرأت كتاب "الحزن الخبيث " للكاتب للويس ولبرت ، كتاب يُشريح فيه الكاتب الإكتئاب، فقد بدأت الشرع أني حزين ومكتئب وتعيس ،بدأت امر بفترات من الوحدة والممل وفقدان الامل ، كانت القرأة والمطالعة هي الوسيلة الوحيدة للهروب من الواقع التعيس الذي اعيشه، المطالعة تخفف عني هموم العالم وتجعلني اعيش بين الحروف واتنقل بين المدن واتجول بين العواصم وادخل البيوت و أشارك قصص وحكايات أناس آخرين أفرح لفرحهم وأبكي لحزنهم واتعظ من مواقفهم! وانسى ولو للحظات همومي وأمسح بالمطالعة دموع خيباتي! 

رن الهاتف في وقت مبكر من النهار، لم أكن انتظر اتصال من أحد، من سيتصل بشاب وحيد معزول في غرفة في مبنى مهجور يبحث عن وثيقة تجعل منه انسان...!  وثيقة ترد لك كيانك وتجعل منك انسان حتى وان لم يكن لك وطن، فهم خبراء في إذلالنا فلم تشفع لنا أربعين سنة من حياة اللوجو والمخيم ولم يتناسوا انهم سبب في آلامنا فأوجدوا لنا وثيقة عنوانها "لاباتريظا" يعني انت كائن حقير "بلا وطن"!
انت نكر اينما كنت بلا وطن بلا هوية بلا اصل أنت تعتبر بالنسبة لهم لقيط كونيا ! نحن ككل انا وانت وهم لقطاء في هذا العالم الفسيح.....! 

صباح الخير دكتور يعقوب، معك دكتور سالم
من مصحة 12 اكتوبر!

دكتور!!!!!!  هل انت مجنون! 

اعرف ان الامر غريب، لكن اخذت رقم هاتفك من صديقك احمد،  هو يعمل ممرض هنا معنا في المصحة،  وقال انك الوحيد القادر على مساعدتنا، ومعالجة المرضى هنا في 12 اكتوبر!  فهو يثق في قدراتك! 

أسف ياسيدي، اظنك أتصلت برقم الخاطئ
"ثم قطعت الاتصال! '

هذا اكيد مجنون، دكتور هههههه .... دكتور يعقوب ههه هههه ههههه!
لا اعرف هل أظحك من الكمد ام من الحسرة او من ضياع 20 سنة من حياتي أم هي ضحكة القهر... !

رن الهاتف من جديد....

سلام عليكم دكتور يعقوب،  اسف على الاحراج لكن. نحن حقا بحاحتك في المصحة! 

انت تعلم اني في اسبانيا،  وبلا وثائق بالاضافة اني نسيت اني حقا دكتور..! 

اعرف الى ما تصبو اليه،  لقد اخبرني احمد قصتك و عن تهميش الوزارة لك، لكن صدقني هذه فرصة لك لاسترجاع هيبتك وكرامتك، وتظهر للجميع اهمية الطب النفسي! 

ياسدي انت لا تفهم، انا في اسبانيا ولست في المخيم، كما اني لست دكتور ولا اعرف شئ عن الطب النفسي انا مجرد نادل في مطعم عند رجل سكير!  مجرد ناااادل فهمت ! نادل يبحث عن وثيقة بلا وطن! .....يتبع
Hamodi Salek

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان

إعلان أسفل المقالة

إعلان متجاوب هنا

تواصل معنا

تغروين

من أنا

author موقع قصص من واقع المخيم هو منبر لمشاركة القصص من واقع المخيم باللغة العربية و اللهجة الحسانية.
أعرف المزيد ←

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جميع قصص من واقع المخيم