رواية :قنبلة، ماقبل الأخير
كنت اعلم انك هنا ياأبني!لست ابنك !!! من أنت ياهذا!!!!!
أنا ابوك يايوسف!! تعالى احضن والدك !
أبتعد عني....لست والدي!! ابي مات!!! ابي ليس قاتل!
انا ابوك يايوسف ولست بقاتل ولا مجرم ولكن هم من جعلوا مني شخص عديم الرحمة لقد عذبوني وقتل كل ذرة رحمة داخل صدري... ابوك مظلوم يا يوسف ،وحين قتلوني قهرا قاموا بتربيتك من اجل ان تكمل مسيرة الظلم التي رسموها لانفسهم!
انت تكذب ،منصور وابراهيم من خيرة الرجال الوطن ، ولم نسمع عنهم الا خيرا!
هذا حالهم اليوم! لكن قديما عندما كنت انت لاتزال رضيع، قاموا بتفرقتنا ورموني في السجن و...
و ماتت مربيتك...!
تقصد جدتي!!
بل هي مربيتك !!!
ماذا تقصد.... بالله من انت!!!؟
كان يوسف واقف ينظر الى عينيي هذا رجل الغامض، الذي تنهدت تنهيدة طويـــــلة وقال وهو مزال يحمل خنجره الذي يقطر دماً :
في بداية الثمانينات جاءت شاحنة تابعة لمنظمة جديدة اسمها الجبهة الشعبية ، قالوا انهم يريدون ان يساعد الناس وينقلونهم للعيش في المخيم، وان حياة المخيم افضل من حياة الناس هنا في هذه المنطقة الفقيرة المعزولة ، فركبنا انا وامك بسرعة ليلا، وانطلقنا معهم، ومر سبوع او اثنين علينا ونحن في الطريق، مرضت امك "مريم"، وكانت حامل بك في شهرها التاسع وجاءتها آلآم الوالدة، وكانت هناك عجوز بكماء هي من قامت بعملية الوالدة، وماتت "مريم " على إثر الولادة، و انجبت ولد صغير وضعيف سميتوه" يوسف "، و لم يكن احد يريد ان يأخذك فقامت تلك العجوز وحتضنتك في حجرها وظلت ممسك بك تعتني بك رغم بكائك الشديد والمزعج الى ان دخلنا ولاية الداخلة في تلك الليلة !
يعني ان الجدة ليست جدتي! ومن هي!؟
لا ،ليست جدتك وانا حتى لا اعرف اسمها ولا احد يعرفها فهي بكماء ولا تتكلم ! لمهم، اننا دخلنا ولاية الداخلة من الشرق وكانت لليلة باردة من ليالي ديسمبر، واصابتك حمى شديدة كادت ان تتسبب في موتك، لكن لطف العزيز القدير حال دون ذلك!
حين دخلنا ولاية الداخلة لم نجد هناك في استقبالنا الا اهل خير وبركة وكرم وجود وطيبة وحترام ، جاءوا لنا بنساء لرضاعتك، وبنوا لنا خيمة بسيطة، وهتموا وعتنوك بك وبالعجوز المسكينة ، واعطونا المواد الغذائية الأساسية، والماء واصبحنا بين عشية وضحاها جزء من سكان المخيم، لكني كنت ابحث عن عمل لاصرف عليك وعلى تلك العجوز فقذ كنت ضعيف ومريض وهي أيضا!
فقالوا لي ان ولاية السمارة فيها عمل وتجارة ،فقررت الرحيل الى السمارة، وتركتك والعجوز عند اهل الداخلة! وركبت في شاحنة ورمتني خارج السمارة عند مكان القمامة حاليا، وظليت اسبوع كامل لا اعرف كيف اعيش لاني لا اعرف احد هناك، مرت الايام وشهور وتعرفت على رجال واصبحت اعمل قليلا هنا وهناك، وبنيت متجر صغير جدًا ابيع فيه ادوات بسيطة، في تلك الشهور نقطعت عني اخباركم ، لان في تلك السنوات لم يكن هناك شبكات للاتصال والنقل شبه منعدم!
وحين استقرا حالي، واصبحت ابيع واشتري وتغير حالي، بنيت بيت طيني ومرحاض، وذهبت الى داخلة وجئت بكم الى سمارة، وعشنا هنا، واصبحت العجوز تشعر بأمراض كثيرة فقررت ان اتزوج بأمرة تربيك وتعتني بالعجوز ! وبالفعل تعرفت على إمرأة ارملة زبونة عندي في المتجر الصغير ! وافقت على الخطبة وبدأت في تحضير لزواج منها ، وبدات الشعر بالسعادة وتغيرت حياتي واصبحت اشعر براحة عجيبة ، وصدفة ومن غير اي سبب ظهر المدعوا ابراهيم اللعين وقال اني جسوس يريد ان يتزوج ويعيش بيننا، وانني قادم من ارض مجهولة ،واني... واني... مئات التهم وجهوها لي!
وأحضر معه قوة عسكرية واخذوني من المتجر وذهبوا بي نحو القمامة خارج السوق وضعوا فوق ظهري الاوساخ والعلب وجلد الحيوانات والاكياس البلاستيكية، وانواع الاوساخ وضعوها فوق ظهري وراسي، ووضعوا حبل في رقبتي، وذهبوا بي نحو الادارة وخرجت النسوة، وكانو يدورون بي بالادارة ويقولون هذا مندس! هذا خائن! هذا جاسوس هذا عميل! وهذا جزاءه عندنا ويضربونني بسياط، والنسوة يضحكن ،ويزغردن ويرفعون رايات الجبهة الشعبية،! كنت اصرخ من شدت القهر والظلم، وفي اخر المطاف نزلت مني دموع الاهانة والحقرة!!
مازلت اتذكر اوجههم بالواحد ابراهيم والسعد وهذا اللعين منصور وافراد اخرين!! منصور اللعين كان هو من يجلدني امام النسوة ! كنت وحيد ولم يكن لي سند، بلا قبيلة ،بلا اخوة، بلا زوجة لم يكن معي احد يدافع عني! وحين اكملوا من االدوران بي، زجوا بي في السجن ، غرفة مظلمة تعرضت لانواع تعذيب، لا استطيع ان اذكرها كلها، لكن اكد لك ان من شدت التعذيب جعلوني افقد عقلي واصبحت مجنون واتصرف كالمجنون! وحين اعلنوا وقف اطلاق نار قاموا باطلاق سراحي، ورموني في الشارع كأني مجنون، بعدها اختفيت عن الانظار ، وذهبت الى موريتات ومنها الى سنغال ومالي وغانا وتعالجت هناك واصبحت قائد لاحد العصابات، وتعلمت فن الجريمة ،و رسمت خطة محكمة واحضرت معي بعض رجالي وجئنا لنكمل اخر واهم عملية في حياتي وهي الانتقام! زرعنا القنابل في كل مكان تعرضت فيه للاهانة بمساعدة مساعدين سود البشرة من مالي، لقد، قاموا بمهمتهم ورحلوا الى ارضهم، ولم يبق الا انا و...
و......ومن ؟
لاشئ المهم في كل الليلة اتذكر اوجههم وابكي، كلما تذكرت تلك الايام واللحظات اشعر بالاهانة والذل! وفي كل الليلة يكبر شعور الانتقام داخلي ،وكتبت أسمائهم بحروف كبيرة وبحثت عنهم وعرفت اماكن تواجدهم ورسمت الخطة وبدأت في تنفيذها بنفسي حالياً...!
ماذا تقصد بحالياً .
حاليا يعيني الان....! المهم جئت الى هنا، وبحثت عنك اولا، وعلمت ان العجوز ماتت وانك تعمل في جهاز الشرطة ،وانك ضابط تحقيق وعلمت من هم اصدقائك، وانك نادرا ما تسكن في بيتنا، وان معظم وقتك في مركز الشرطة! كنت اعلم اني اذا اخبرتك قصة الانتقام لن تقبل الفكرة او ربما تزج بي في السجن! فقررت ان ابدا العميلة وحين اكمل منها اخبرك الحقيقة!
فكتبت تلك الالغاز لك، لاني كنت اريدك ان تفهم ان ابوك تعرض للاهانة في كل مرحلة من حياته، وحين تراجع رسائل ستجدني اخاطبك انت ! لاني كنت اريدك ان تبحث عن نفسك وتجدها لان ذاتك تقف امامك لان..... واياك ان تتوقف حتى تتعرف على نفسك! وكنت اعلمك ان ذكي جداً وستفهم كل تلك الحروف وكان شكي في محله! واقترح عليك ان تعمل معي و امامك مستقبل زاهر خارج المخيم ! ابوك يملك المال والسلطان هناك في افريقيا، هيا نكمل رحلة الانتقام ثم نرحل ونعيش ملوك هناك!
احتفظ بأموالك وبجاهك بعيد عني!
الفرصة واحدة يايوسف!
لايهمني ....لكن هناك سؤال محيرني !
ماهو !؟
لماذا هربت انت وامي من ازواد!!!؟
....لنترك الموضوع!!!
لا...انت قلت في احد رسائلك انك هربت من العار الى الجحيم! فالجحيم واضح انك تقصد به السجن والتعذيب الذي تعرضت له لكن مامعنى العار الذي هربت منه!
عندما كنت شاب ،كنت اعيش بمنطقة قريبة من اقليم ازواد، تعرفت على فتاة جميلة جداً، اسمها "مريم "محترمة وذكية و ابتسامتها رائعة، كانت تشبهك تماما يايوسف، حين تعلقت بها، طلبت يدها لزواج، ولكن رفضوني لاني شاب بلا عمل ونسبي ليس من نسبها، ولكن حبي لها وعلاقتي بها القوية، جعلوني افعل المستحيل لزواج منها لكن باءت كل محاولاتي بالفشل ، فقررنا انا وهي ان نتخذ قرر خطير!!!
ماهو!؟
لقد حملت دون زواج!!
ماذااا!
كان هذا هو الحل الوحيد لكي نتزوج، كان قرار خاطئ وخطير لكن كان هو الحل الوحيد الذي وجدنها امامنا! و حين علم اهلها واخوتها بالخبر قررو قتلي وقتلها ، وضربوها وعذبوها، وانا كنت مختفي في مكان لا يعرفه احد ،مرت ثماني او تسعة اشهر على هذا الحال، كانوا يبحثون عني وينتظرون المولود الجديد ليقتلوه ، ومن محاسن الصدف ان في تلك السنة جاءت شاحنات قالوا انها للجبهة تريد الناس الذين يريدون للعيش في المخيم، فعلمت بالخبر وقررت ان هرب انا وهي في شاحنة، كنت اظن ان الهرب من العار والفضيحة نحو المخيم هو الحل الوحيد! فرسمت خطة دقيية وخطفتها من خيمة اهلها ليلا، وهربنا في الشاحنة ، كانت الشاحنة تحوي العديد من الناس، شيوخ نساء اطفال، رجال منهم من له علاقة بالصحراوين ومنهن من هرب من الفقر ومنهم مثلي هارب من الفضيحة والعار! فماتت في الشاحنة بسبب الولادة!
تقصد...... !!
نعم مريم هي امك!!!
يعني انا لقيط!!!!!!!!!
اسمع يايوس.....
ولم يتركه يوسف يكمل اخر حرف من كلامه فجمع اصابع أيده في قبضة واحدة ولكمه لكمة قوية جدا من عند الانف، حتى سقط الرجل ووقف غاضباً يحمل خنرجه وفجأة ظهر صدام ومعه قوة عسكرية والقوا القبض على الرجل وانقذوا يوسف من أبيه!
زوجوا به في السجن، وشكرت الشرطة الموقف البطولي ل يوسف وكيف انه وقف في وجه القاتل المجرم وتعرف عليه، واصبح يوسف هو حديث الساعة عند اهل المخيم، لم يكن احد يعرف الحقيقة كلما ما يعرفونه ان يوسف قبض على مجرم خطير كان سيفجر المخيم ويقتل كل رجاله واحد تلو الاخر! !
اصبح يوسف بطل شعبي عند اهل السمارة، ونشرت صوره في شبكات التواصل! البطل الجديد الذي انقذ المخيم من مجرم سفاح!
كان يوسف حزين للغاية، لقد علم بهذا الخبر الجديد الذي زلزل كيانه ، في ساعة واحدة علم ان ابوه مجرم سفاح وليس رجل ميت كما كان يعتقد ، امه ماتت وهي حاملة بنطفة حرام ! و جدته البكماء ليست جدته واخيرا هو لقيط لا اصل له وجاء من علاقة محرمة!!! ومن ارض بعيدة وليس، صحراوي كما كان يعتقد!!!
بعد المغرب دخل مركز الشرطة ، طلبوا منه ان يحقق مع المجرم قبل ان يزج به في السجن ويعاقب الشد العقاب ،وكان شبه اجماع على ان عقابه هو الموت رميا بالرصاص!
دخل يوسف وحده على ابيه لم يكن احد يعلم انه ابوه، بحكم امه ضابط تحقيق طلب ان يحقق ةحده مع المجرم، كان يوسف حزين جداً وشارد الذهن، اما الحسين والد يوسف فظل ينظر الى ابنه ويقول
للا تحزن يايوسف لقد انجزت مهمتي تقريبا، لم يبق الا القليل منها، العميلة شبه محسومة لقد خططت لكل شئ ،حتى الوقت والزمن حسبت له الف حسبان ،وستكون نهاية الثهمة هي اروع نهاية ،وللاسف يايوسف سيكون هناك ضحايا جدد،الظروف هي من جعلتهم يموتون! فالغضب لا دواء له، لا تفكر كثيرا حتى وان كنت في سجن سستم اخر عملية!
تكلم يوسف بصوت حزين لا يصدق ان هذا الوحش البشري والده قال
لماذا تريد ان تقتل الضحايا جديدة!
انا لا اريد ان اقتل ضحية واحدة انا اريد ان اقتل من ظلمني فقد ! وسأقتل كل من وجدت في طريقي في، سبيل رد الاعتبار لنفسي لكن للاسف لم اكن اريد ان يموت أبرياء ، لكن حين يختلط الامر لابد....
لابد من ماذا!
أنسى... لمهم انا اسف يايوسف.... كنت اريد ان نتقابل في يوم ليس كهذا اليوم و في مكان اجمل من هذا المكان لكن الاقدار سبقتني! ابوك يايوسف لان مرتاح لانه انجز مهمته والباقي منها شبه تام! والان اخرج اريد ان ارتاح .......!
خرج يوسف ووجد مدير الشرطة واللجنة القضائية قد قرروا احالة ملفه الى المحكمة العلياء، قال لهم يجب ان يراقبوه جيدا فمزال يخفي امر هام ،ويخطط لقتل شخص اخر ويحب ان ينتبهوا له جيدا فمزال في جبعت هذا الرجل الكثير، ثم خرج من مزكز الشرطة و رجع الى بيت جدته حاول ان ينام لكنه لم يستطع وفي صباح استيقظ على رنة هاتفه صدام يتصل
الو يوسف... الحمدلله لقد انتحر المجرم، وجدنها شانق نفسه البارحة! ونتهت قصته!
ركض يوسف نحو الشرطة ودخل الغرفة وجدها فارغة فقد ذهبوا به الى المستشفى من اجل تأكد من موته! نظر الى جدران الغرفة وجد مكتوب بالخط العريض:
"اذا لم تسمح لك الفرصة بالقضاء على ظالمك اقضي على كل الظلمة والاخطاء لابد ان ترتكب في سبيل تحقيق عادلتك!
لكن...
اذا شعرت يومًا بالبرودة فعلم ان نار الحرارة تلتهب خارجاً! "...........يتبع
______________
قـنـبــلة...
مـــــاقبل الأخيـــــر...
Hamodi Salek
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق