> قصة اجتماعية :أْريده فقيراً - قصص من واقع المخيم

إعلان اعلى المقالة

إعلن هنــــا

السبت، 28 مارس 2020

قصة اجتماعية :أْريده فقيراً

  قصة اجتماعية :أْريده فقيراً


  قصة اجتماعية :أْريده فقيراً

..كل شخص موجود في هذه الدنيا بتقدير قادر، هناك من ولد في عائلة غنية أو من عائلة ميسورة الحال ..و هناك من هو فقير أو بمصطلح آخر عندنا نقول أنه بسيط نظرا لحال عائلته كما نعلم جميعنا أننا في اللوجوء و لكي الإنسان يكون نفسه و يرفع من حاله يجب أن يخير بين الدراسة أو العمل ، أغلب شبابنا يختار العمل لأن الشهادة غالبا لا تُجدي نفعاً ..هناك العمل الشاق و تحصيله يكفي لكي نعيش ليوم واحد فقط و هناك من يوفقه الله لسفر للخارج و الإنخراط في بعض الأعمال التي لا يقبلها الحر لنفسه و هناك من ينضم لصفوف الجيش و من كل ثلاثة أشهر يرسل تلك الدُريهيمات القليلة لعائلته... لا يوجد أحد تَحكم في خلقته أو أصله و نسبه ولا ماله هذا كله خلق الخبير العليم و هو أعلم و ألطف بنا من أنفسنا و ربُ الخير لا يكتب إلا الخير .. لكن خُلق الإنسان عجولاً
هنا تبدأ قصتي .. عندما تقدم شاب من عائلة بسيطة لخطبتي ..، كنت أصغر أخواتي الثلاث .. عائلتي كانت ميسورة الحال نوعاً ما ..لكن تحت سقف المصلحة و قناع نريد مصلحتك تم رفضه من قبل والدي .. عندما سألتُ أمي عن السبب ، أجابتني بأن أخواتي تزوجو من رجال أقل مايُقال عنهم أغنياء ..مع أننا لانعرف مصدر تلك الأمول إلا أن والداي كانا فخوران بذلك ..ربما الأنهما يمدونهم في كل عيد تلك الورقة الخضراء ، التي لا تشبع و لا تغني عن جوع
لكن هل يعلمان ماذا يحصل داخل بيوتهم ؟ هه لا طبعاً
لا أظن أنه يعلم أحد غيري..
بطبعي أحب قراءت التفاصيل عندما يضحك أحد أمامي أتمعن في النظر إليه كأني عاشق ينظر لعيون محبوبته..و في حالة شورود ذهن أحدهم أقوص في أعماق عينيه لعلي أعرف قصة شروده الذي ينتهي غالبا بإبتسامة خفيفة أو تنهيدة..
و بسبب هذا الطبع الغريب أستطعت قراءت أختي الكبرى ..كنتُ أراها في كل مرة تنادي أبنها الوحيد و تضربه ضربا مبرحاً بدون سبب ثم تخلق له عذرا تافه مثل لماذا لم تسمع كلامي ليلة البارحة بأن لا تأكل علبة الشوكولا كاملة .. و بعدها تبكي هي بحرقة فالغرفة وحدها، أعلم بأنها ليست سعيدة ..أعلم أن زوجها هو السبب فهو لا يأتي إلا في منتصف الليل و كل مرة تجد بقايا إمرأة في سيارته إما حُلي أو مشابه ذلك ..لا بد أنه يتعمد ذلك فهو يتمتع بذِلها يعلم أنها تزوجته لماله .. أختي الوسطى دائما ما تشتكي بخل زوجها و أنه لم يفاجئها بهدية قط حتى و لو بسيطة .. أما عن أختي الثالثة فهي تفتقد شئ اسمه القناعة حتى إني أسمعمها في بعض الأحيان تتحدث عن عائلة فقيرة بأنهم بنو خيمة صغيرة جميلة تقاوم العواصف و الطبيعة القاسية أُريد واحدة مثلها.
الله هو الرازق .كلنا فقراء الى الله..
لا أقصد أن كل غني ليس سعيد بالعكس المال هو وسيلة لسعادة لكن الفقر ليس وسيلة للتعاسة
الكريم هو الكريم في إعطاء المشاعر .
بالمناسبة الشاب الذي تقدم لخطبتي ، ألتقيته صدفة في أحد المتاجر القريبة من منزلنا ، كان يعمل مساعد لصاحب المتجر، جذبتني أخلاقه و حسن تعامله ، كما أنه يغض من بصره قدر المستطاع و يتجنب النظر الى عيناي، بعدها لم أتوقف عن التفكير به ، صرتُ أذهب للمتجر و أوهم نفسي أني بحاجة الأقتنا بعد المستلزمات .، لكن أعلم أني بحاجة إلى النظر إليه فقط .. بعد مدة لم يعد يعمل في ذلك المتجر ، شعرتُ ببعض الحزن و خيبة أمل ، لكن سرعان ماتفاجئة بإتصال من رقم مجهول نعم إنه هو ..لا أصدق يا إلهِي إنه عالي ..بعد عدت محادثات أخبرني بأنه يريد التقدم لخطبتي فالبيوت تؤتى من أبوابها ..وافقةُ على الفور فأنا أعلم عنهُ كل شئ لقد ناقشنا كل المواضيع و السير بإستثناء الوضع المادي كان آخر أهتماماتي أو ربما ليس ضمنها أصلا ..
بعد رفض أبي له شعرتُ بإحراج شديد .. صرتُ أتهرب من محادثته
إلا أن أرسل لي يوماٌ رسالة في أحد المواقع مفادها .. "أعلم أنك تُريدينني مثلما أريدك ..مستعد للمجئ لخطبتك مرة أخرة فحالة غير والدك رأيه " لم أصدق ما أرى ، هو ليس كبقية الرجال الذين يختلقون الأعذار تهرباً من الحلال..ما إن قرأت ماكتب حتى
أسرعت إلى أمي و جدتها تصنع الشاي و تُقلبه في الكؤوس ، قلتُ لها بنبرة صوة منخفضة يتخللها نوع من التردد ،أمي أُريده فقير .. نظرة إلي نظرة مطولة ، كأنها تفاجئة بكلامي و جرأتي فهي تعتبرني البنت المطيعة و لا تخالف لها كلمة .. تنهدة ثم واصلة عمل الشاي متجاهلة كلامي .. بدأت الدموع تفضح عيناي أمي أريده غني المشاعر و الأخلاق ، متدين عفيف كريم
الله هو الرازق .كلنا فقراء الى الله.. أمييي أرجوكِ ..
كلنا نعرف حنان الأم أظن أني حركت شئ ما بداخلتا أو بلأحرى من مشاعرها
ذهبت أمي إلى أبي و بعد حوار طويل ..أخيراً وافق أبي
يا لسعادتي لا أصدق ..ذهبتُ مسرعة إلى هاتفي كي أخبر عالي بهذا الخبر السار و أخبرني بأنه سيأتي لخطبتي في أسرع وقت ممكن و فعلاً تمت الخطبة بفضل الله و بعدها تم تحديد موعد الزفاف ..
كان عبارة عن حفل بسيط بلا ضوضاء كانت هناك نسوة يغنين و أطفال ضحكاتهم تملئ المكان بالطمأنينة ... و بعدها تبدأ الحياة الزوجية..
كانت حياتنا جميلة و دافئة،البسمة لا تغيب عن شفاهنا نتقاسم رغيف الخبز و نشرب من نفس الكأس .. كان فوقنا قطاء القناعة ..كنا نتصدق و لو بالقليل ..فنفاجئ به يعوض لنا و أحياناً بالضعف!
و من عاداتنا اليومية هي قرائة صورة البقرة ..يقرأ عالي نصفها مع صلاة الفجر و أكمل أنا نصفها الأخر في الضحى و كنا نتبادل الأدوار يوميا من يقرأ الجزء الأول أولاً .. كان عالي يقضي طول اليوم في العمل ، في شتى المجالات عنده خبرة في كل شئ ، أحياناً في تصليح السياراة و أحياناً في هندسة المنازل ، و بدأ مؤخراً في التجارة ..بعد عدة أشهر تحسن وضع عالي المادي جداً ..كأنه يملك المصباح السحري ..ماشاء الله فتح لنا الله أبوابا من الرزق لا تحصى و لا تعد و كان عالي دائما ما يردد على مسامعي كنت فقيرا فأغناني الله بكِ إقتدائاً بقول المصفى صلى الله عليه و سلم .
المال لا يعني حياة زوجية مستقرة بل حياة كريمة أحيانا تكون جافة من المشاعر
لا يوجد فقر مع العمل و السعي فلأرض ف الله الذي خلقنا يرزقنا
كما أُحب أن أخبر بنات مجتمعي أننا لا ننسى بإننا لاجئين ووطننا مازال محتل كيف تطلبين من لاجئ مثلك أن يأتي بما ليس له طاقة به ، مثل فلان و فلان اللذان جاءتهم فرصة للعمل في الخارج أو العمل فيما لايرضي الله لينخرط هو أيضا في تلك الأعمال ليرضي طمعك ..لاتنسي أن يوم الحساب ستُسألين عن ذلك أيضاً
إستقرار العائلة و الحياة المطمئنة تكون في الرزق الحلال !.


-----
مشاركة باسم: العالية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان

إعلان أسفل المقالة

إعلان متجاوب هنا

تواصل معنا

تغروين

من أنا

author موقع قصص من واقع المخيم هو منبر لمشاركة القصص من واقع المخيم باللغة العربية و اللهجة الحسانية.
أعرف المزيد ←

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جميع قصص من واقع المخيم