رواية: سر توينقشت، ماقبل الأخير
قال "أمي الحبيبة، لقد بدأت اشعر بألم حاد في قلبي، مهما حصل فقد سامحتك ،كل الاموال التي عندي تجيدينها في "مي نوما"مامعنى "مي نوما"!!؟
قالت بصوت بآكي وبالكاد تستطيع إخراح الحروف
"مي نوما" في لهجتنا معناه البئر القديم ، او بئر مهجور ،حين تجده ف هو لك. فهو ل..........!
ثم فارقت الحياة، وتركت وراها لغز جديد، اللعنة عليك يازوينوهة في حياتك عشت معك المشاكل، وفي موتك تتركين ورائك الالغاز ! تباً لك
اللعنة من اين سأعرف أنا مكان هذا البئر المهجور او القديم ! هل هو في أزواد!؟ ام في الداخلة!؟ الداخلة قديما كانت تعتمد على الابار "الحسيان" في الشراب، قبل ان تَحّفر الدولة ألابار وتزود الولاية بشبكات المياه الجوفية! ربما كان البئر القديم موجود في بئر زران! لكن كم من بئر قديم في بئر زران!؟ وكم من بئر مهجور في ولاية الداخلة ! هناك عشرات بل مئات الابار القديمة التي تم دفنها بالتراب من طرف الناس!
للاسف لايوجد حل اللغز، اللغز محير وبلا حل، علوات مات ولم يخبر حد عن مكانه ،وزوينوهة ماتت ولم تحدد البئر وستظل ثروة طائلة تقدر ب ملايير الدولارات مدفون في بئر مهجور الى ان يرث الله الارض ومن عليها!
رجعت الى أهلي أندب حظي العاثر، كنت أفكر في كل الاحتمالات، لكن لم أجد حل!! وتركت الموضوع ولم أعد أفكر فيه!
مع مطلع كل صباح يوم جديد يبدأ أبي بمسلسل "السكة" والاهانة وتكرارا نفس العبارات
انت مانك راجل كيف الرجالا!
أنت مافيك فايدة!
أنت تعرف الا رقادة ولوحدة وتوينقشت!
والله الاخير منك غرفاتك "نصيب الفرد من المواد الغذائية " !
اشتغل كيف رجالا ولا تعودلي هون كيف طفلة نبلحك كل نهار!
گتلك ماخالقة شغلة! انت الا باغيني نعود نسرق باش تستراح ، والا نعود تاجر مخدرات ! نعود نهرب الممنوع! هون ياواالدي خالق الا الحرام والحلال واعر واعر واعر حتى!
قال بحزن عميق
انا باغيك الا تعود راجل وتشتغل وتسكت عني الناس لي كل نهار يظحكو فيا و فيك..!
مللت من كلام أبي ومن كلام المجتمع ومن كلام الناس والعيش في المخيم، أمثالي لا يصلح لهم العيش في مجتمع يجيد لغة النقد السلبي ،هم أصلا غير راضين عن أنفسهم ويحَمِلون شحنات سلبية تجاه واقعهم المرير ، ولايجدون راحتهم الا في نقد الاخرين أمثالي لقمة سائغة وسهلة وقصص فشلنا في الحياة هي الحديث الممتع عند الطبلة حين يصنعون الشاي!
في فجر الصباح الموالي ركبت كالعادة في الحافلة العمومية الى الرابوني، رحلت دون ان أعلم أبي برحيلي، طول مسافة السفر كنت أفكر في ريتااج أصبحت الشئ الوحيد الجميل في حياتي التعيسة، أصبحت هي شغلي الشاغل وأصبح التفكير بالرجوع اليها هو حلمي الوحيد! لكن من أين لي بالمال! من اين سأجد تكاليف السفر اليها! وماهي حجة زيارتي اليهم إن سألوني!
وماذا سأفعل عندهم!؟ هل سأكون عالة عليهم مثل ما انا عال على أبي!
سأذهب وأطلب منهم المساعدة في إجاد عمل، ف جلول رجل مشهور وأكيد سيتوسط لي عند أقاربه وأصدقائه من اجل حصولي على عمل!
وصلنا الرابوني صباحا، الحركة لا تتوقف، عشرات الناس يمشون، وصف من الشباب امام خيمة بائع اللحم المشوي ا وعشرات السيارات يتحركون في كل الاتجاه الحركة لا تتوقف في الرابوني، فالرابوني هو قلب المخيم حين يتوقف يموت المخيم وينتهي الاقتصاد الوطني!
إنتظرت لساعة امام متجر "المحفوظ" صديقي العزيز، لقد تأخر ليوم في فتح متجره من غير عادته! وأخير ظهرت سيارته المرسيدس الحمراء من خلف دار النحر!
أحمد !!! نت شتعدل هون واينتا جيت!
قصة طويلة ياصاحبي! سأحكيها لك بكل تفاصيلها وأتمنى ان تساعدني!
واللهي كون أدخل ونعمرو كاس ونطرحو بالاخبار ومايكوم ماهو الخير!
بعد ان سردت عليه كافة تفاصيل القصة من بداية معرفتي ب علوات في توينقشت الى موت زوينوهة والسر الغامض الذي تركه علوات! قام يضحك وقال
انت لعاگ، وكبر لعاگ في الجمهورية ههه
صدقت الان تأكدت أني منحوس وبلا حظ وأريد ان أخرج من المخيم
الى اين سترحل!؟
الى بشار!؟
گول باطل گايس ريتاج ههه الحمدلله جبرت طفلة تبغيها عاگب الجفاف العاطفي لكان متاصل بيك
هههه، نعم انا ذاهب الى تاغيت لعلى وعسى جلول يتوسط عند معارفه ويجد لي عمل هناك وعيش معهم!
انت لاهي تعيش معا نسيبك مگل حشمتك هههه
نسيب أش!! لا تكبر الموضوع، مجرد إعجاب بإبنته! وبالمناسبة هم ليسوا مثلنا متشددين في أمور الانساب والحشمة منهم، عندهم الامر عادي جدا تتكلم وتتحدث وتأكل وتشرب وتطلب منه يد إبنته مباشرةً من عند "أنسيب"" أب الفتاة"، !
ياسعدهم ياخي ههه أنا نسيبي محظرو مانمرگ ماجبرتو گدامي ونعود فرظ عليا نبدل طريق. !
لمهم أحتاج مليون لسفر وهذا أخر طلب منك، أعلم اني لم اقضي الدين الماضي لكن حين أعمل هناك بإذن الله، سأرد لك كامل نقودك أعدك بذلك
ماعندك مشكل ياصاحبي، كلشي باغيه يووعدلك، ذا گاع ماهو بينا !
إنطلقت الى بشار بعد إسبوع كنت فيه أعيش في متجر المحفوظ، قام المحفوظ بإكمال إجراءات البطاقة الشخصية المؤقتة وإستخرج لي ترخيص الخروج "أردميسيون' ، لا أعرف كيف سأرد له جميله هذا! حقا هو صديق بألف صديق رغم انه متزوج ويملك بنات ويعمل في محل بيع الخردوات الملابس المستعملة الا انه كان رجل ولم يردني خائيا أبدا!
طرقت باب منزل عائلة جلول، كانت الساعة التاسعة مساء ً ، فتح جلول وهو في ذهول تام
أحمد تفضل بالدخول مرحبا بك، متى وصلت
الان ياعمي
وكيف حال صحتك هل رأسك مازال يؤلمك!؟
لا، ريتاج طبيبة ماهرة لم أشعر بأي ألم، بالمناسبة اين هي !؟
في المكتبة كالعادة ، أصبحت تقضي وقتاً أطول فيها، لم تعد ريتاج كما كانت اظن تعيش حالة من الغموض والحزن والإكتئاب
ماهو سبب!؟
الله اعلم حصل هذا بعد رحيلك مباشرةً، ربما لم تتحمل هجرانك عنا بعد ان إعدتنا عليك، فهي كانت تعيش في وحدة وعزلة عن البشر، وانت الانسان الوحيد الذي عشت معنا وضحكت معنا وأكلت وتحدثت معها وفتحت لك عالمها الخاص، وجعلتك جزء من حياتها ورحلت وتركت خلفك فراغ في حياتها، المسكينة مصابة بمرض الوحدة والعزلة وكنت الشئ الجميل في حياتها!
لو كنت أعلم هذا لما رحلت صدقني
انا ايضا لم اتفطن للامر الا بعد رحيلك، تركت خلفك فراغ كبير في المنزل، المهم
سأنادي على ريتاح أكيد ستفرح حين تراك هههه!
حسنا
ريتااااج..... ريتاج أرواحي
دخلت ريتاج، تردي ملابس محجبات سودا وحزينة، كانت تبدو وكأنها إنسانة أخرى، إنطفت إبتسامتها كانت كأنها انسانة بلا مشاعر إنطفت روح الحياة منها، كانت حزينة للغاية، حين شاهدتني إرتسمت على وجهها إبتسامة طاهرة نقية صافية عفوية وصادقة وقالت وهي تضحك ضحكة ساحرة وجميلة ،وقالت:
كنت اعلم أنك سترجع، إحساسي لم يخني أبداً
هههههه، رجعت حين أغلقت كل الابواب عندي في المخيم
قال جلول بإنتباه شدد وتركيز وكأنه تذكر شئ مهم
بالمناسبة يا أحمد هل تحرر صديقك وأمه من الطلسم!
لا لقد وجدته ميت ،و أمه ماتت بعده بأيام، وتركوا وراهم كنز عظيم ،ثروة طائلة تركوها لي، لكن لم أفلح في إجادها لانه من المستحيل معرفة مكانها!
قالت ريتاج وهي تضحك ضحكتها الساحرة
لايوجد شئ إسمه مستحيل...! أخبرني القصة ممكن أساعدك في إجاد الحل! فأنا كما تعلمون محققة ماهرة وأستطيع حل إي قضية هههه
قال جلول وهو يضحك
هههههالحمدلله رجعت إبنتي تضحك ،أخبرنا قصتك بالتفصيل يا احمد ربما وجدت لك المحققة ريتاج حل ههه
أخبرتهم بتفاصيل القصة وكيف كان من الصعب إجاد بئر قديم في ولاية الداخلة او في أزواد او في أي مكان! من يستطيع ان يبحث في عشرات الابار المهجورة والقديمة! ماذا سيقول الناس عنك حين يشاهدوك تبحث في الابار المهجورة!!
جلست ريتاج على المقعد بقرب أبيها جلول وهي تفكر وقالت
إسمع يا أحمد لقد تعلمت من مهنة أبي، فك الطلاسم والاسحار، ومن خلال دراستي وتعمقي علمت ان الحل لأي مشكل بسيط فقط يحتاج منا تفكير جيد !
كيف لم أفهم!!
مثلا، علوات مستحيل يدفن كنزه في أزواد !
لماذا !؟
لانه هو أصلا باع كامل الابل من اجل العيش نهائيا في المخيم ولا يرجع لتلك الارض البعيدة، اذن احتمال أزواد مستبعد!
صدقت! تفكير عميق ودقيق وواقعي
وايضا لن يدفنهم في أبار داخل ولاية الداخلة !
لماذا!
حين يدفنهم في أبار داخل الولاية فهو كمن يرمي ثروته في الشارع! في أي وقت يجهر أحدهم البئر ويجده او يبني عليه أحد منزل ويستحيل عليه إخراج كنزه! وهو ايضا ليس جاهل ليدفن كنز عظيم كهذا في مكان عام، لو كان دفنه في مكان عام لتفطن الناس له والناس كما تعلم لها ألف عين! .
صدقت ' تحليل منطقي جداً،
والحل!؟
الحل إبحث عن بئر مهجور او قديم بعيد جدا عن أعين الناس! مكان خالي ربما كان بئر في المكان الذي وجدته فيه لاول مرة !
ووااااووواووو،، واو، يإلهي كم انت عبقرية يا ريتاج، لقد تذكرت يوجد عندنا بإر قديم قرب توينقشت إسمه "لعگيلة"ربما.........يتبع
________________________
سر توينقشت
الجزء الثالث عشر، وماقبل الاخير
Hamodi Salek
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق