رواية: سر توينقشت، الجزء 11
قلت لك انه فاقد لذاكرة كليا!لاحظت ذلك يا دكتور، حسنا سنعتني به هنا في منزلنا، انه صديق العائلة
هل تعرفونه!
نعم هو صديق أبي قادم من مخيمات اللاجئين في تندوق ،من الساقية الحمراء!
حسنا، سأتركه معكم، لكن هناك بعض الوثائق يجب أن يقوم شخص منكم بتوقيع على إستلامكم للمريض
حسنا، سأوقع أنا ، هل هناك شيء آخر!؟
نعم، حين ترجع له الذاكرة إتصلوا بالشرطة من اجل إكمال إجراءات الحادث واغلاق ملف الحادثة
حسنا، بإذن الله
بعد خروج الدكتور وصديقه، قالت ريتاج لأبيها
أبي يجب ان تبحث عن كل صور يمكن ان تساعده في إسترجاع ذاكرته
مثل ماذا يإبنتي!؟
صور أهله، صور المخيم الذي يعيش فيه، رئيس جمهوريته، او اي شخصية من بلاده، صور عن أماكن مشهورة في بلاده، قم بتصوير الطلسم ايضا!
يجب ايضا ان نقوم بكتابة كلمة "أنا اسمي أحمد" في كل مكان ، الرسوم والصور تلصق على جدارن البيت يجب ان نضع صورة الطلسم و الحافلة التي تعرضت للحادث في غرفته الخاصة !
يجب ان نكتب بعض المعلومات عن حياته الشخصية التي أخبرك بها وتضعها على الطاولة أمامه دون علمه!
يجب ان نتكلم دائما أمامه عن شعبه وقضيته!
يجب ان نشعره انه يعيش في أهله ونحاول ان نحيب ذاكرته النائمة!
هل ستساعده هذه الطريقة يإبنتي!؟
انا متأكدة يا أبي انا إسترجاع الذاكرة منوط بتذكره لواقع أهله و طبعا مع بعض الاعشاب الطبيعية الخاصة، أكيد سيسترجع ذاكرته تماما.
حسنا سأذهب لعلي أجد بعض الصور عن شعبه!
يجب ان لايشعر انه فاقد الذاكرة، يجب ان نتعامل معه ان اسمه احمد وفي كل مرة نتكلم معه عن اهله والمخيم الذي يعيش فيه!
حسنا مفهوم يالدكتورة ريتااج ههه
مرة ثلاثة أيام كانت ريتااج وجلول يعملان بكل جهد على إسترجاع الذاكرة ل أحمد، ألصقوا مئات صور المخيم على الجدران والابواب، صور لشهيد الولي زعيم الصحراء الغربية، صور الحافلة التي ركب فيها، صور للحادثة، كتبوا قصة حياته في ورق ابيض ووضعها امامه على الطاولة، بعض الملصقات فيها أسماء معينة مثل "زوينوهة" ، "توينقشت" ، "الساحرة"، " ازواد"، "الطلاسم" ، "عومار " ، "أوسرد"، "بشار"، "تاغيت"، "ريتتاااج"،" جلول"، "ارابوني"، "الداخلة"، "بئر زارن"!
كان دائم يقف لدقائق يمسك الملصق الذي فيه كلمة "توينقشت ". كأن هناك سر معين مدفون في ذاكرته ، كانت كلمة توينقشت تجعله يقف يفكر ويفكر ماهو سر هذه الكلمة الغريبة!
ريتاج تصنع له الاعشاب الطبيعية وتضعهم على رأسه، وأحيانا تضع كمية منهم في الشراب او الطعام من اجل تنشيط الذاكرة عنده!
في صباح اليوم الرابع، إستيقظ أحمد وبدأ يصرخ ويقول
اااه اااه رأسي يؤلمني!
دخلت ريتااج بسرعة فائقة وقالت
مابك يا احمد؟
ريتااج ! اين انا! ومالذي حصل!؟
قامت وسجدت لله سجدة شكرا، لم أفهم مالذي جعلها تسجد سجود الشكر بهذه الطريقة، تقدمت نحوي وقالت في ذهول كأنها غير مصدقة
هل تتذكرني!؟
ماهذا الهراء! كيف رجعت اليكم !!؟ اين عمي جلول!؟
اااه اااه رأسي يؤلمني جدا، كيف وصل اليكم كل هذه الصور عن المخيم! والماذا أسمي في مكتوب في كل مكان !
بعد أن حكت لي ريتااج كل الاحداث، وقصة الحادث واني كنت الناجي الوحيد في تلك الحادثة، بدات اتذكر جيدا ،كيف إنقلبت الحافلة، ،كان الجميع يصرخ ويبكي في نفس الوقت، سمعت احدهم ينطق الشهادة بسرعة ، وإمرأة تصرخ هي وإبنتها الصغيرة ثم ضربني شئ مبهم من الخلف ولم أعد اتذكر ماذا حدث !
جاءت شرطة بشار، وفتحت تحقيقاً عن الحادث، أجبتهم عن كل سؤال ، ثم شكرني قائد الشرطة ورحل !
لبست ملابسي، ولكن لم أجد المال الذي كان معي ولم أجد أيضا الطلسم! وصرخت في خوف
ريتااج ريتااج!!
مابك، خير يا احمد
لم اجد المال ولا الطلسم اظن تعرضت لسرقة!
هههه، في كل الحوادث هناك اشخاص مهنتهم سرقة محافط الضحايا والبحث في جيوبهم وسرقة أموالهم ،هم إعلاميا يعملون في انقاذ الضحايا وفي الحقيقية هم فقط يسرقون أموال الموتى قبل ان تصل للورثى ههه
لكن لا تخفى الطلسم لم يسرقوه هو عند أبي وجده أبي في سترتك عندما جاءوا بك الى هنا!
لكن لم يعد عندي مال لسفر!
هههه، لا تخف انت انسان محظوظ، لقد أخبرتنا الشرطة العسكرية و شركة النقل، انهم مسؤولون عن تكاليف سفرك، وان سفرك مجاني ،طبعا كتعويض على الحادث الذي تعرضت له!
انا حقا لا اعرف كيف أشكرك يا ريتااح، لقد أنقذتي حياتي مرّتين ، مر بسبب الكلاب، ولان ساعدتني في استرجاع ذاكرتي، انا حقا مدين لك بكل شئ، والان استودعك الله
ههه انتظر يا مجنون، خذ هذه الرسالة من الشرطة !
فيها بعض المال وتأشيرة السفر الى تندوف
ههههه، كدت أنسى موضوع المال
قمت بشكر جلول وابنته ريتاج على حسن الضيافة ومساعدتهم في إسترجاع الذاكرتي، ووعدتهم أني سأرجع اليهم يوما ما بإذن الله
ركبت الحافلة متجهاً إلى تندوف، ومع بداية الحافلة نمت مباشرةً، كنت خائف من فكرة تعرضي لحادث أخر لقدر الله!
وصلنا تندوف مساءً كانت الساعة الرابعة بعد الظهر، محطة المسافرين خاوية، لم يكن هناك مسافرين، فقط أعوان الأمن وبعض الحراس وبائعين وحارس المرحاض يجلس يدخن وكأنه ملك في قصره وهو لا يعرف انه يعمل في " مهنة قذرة" !
ركبت تاكسي أصفر الى السوق المحلي الكبير الذي هو ايضا مكان لسيارات الأجرة الصحراوية، العديد من السيارات المرسيدس تقف في صفوف منظمة حسب ولايات المخيم، ركبت الى الرابوني، كانت ساعة الخامسة مساء الطريق بين الرابوني وتندوف مزدحمة بسيارات وخاصة تلك التي قادمة من الرابوني، لقد إنتهى الدوام وبدأ الناس يرجعون الى منازلهم!
لقد بدأت معالم الحياة في الرابوني تختفي في المساء، القليل من السيارات معظم المتاجر مغفولة، عدد قليل من الناس يتجولون بداخله ، سيارة واحدة متجه الى الداخلة تقف محتشمة جنوبا، كان ينقصها راكب واحد، جلست في الخلف، كان السائق شاب وسيم ،من شكله تشعر انه شخص محترم وهادئ، إنطلق نحو أخر منطقة في كوكب الارض شرقا، انها ولاية الداخلة البعيدة عن كل المواقع الهامة لدولة!
قديما في صغري كنت أظن انك اذا خرجت من الداخلة شرقا ستسقط من الكرة الارضية !
قام الشاب بإشعال "الهول" ،أنا من الاشخاص الذين يحبون ان يمشوا مسافة 170 كيلومتر مشيا على الاقدام على ان أستمع ثانية واحدة من "الهول"، الهول يشعرني بالغثيان، أحس انه فن مغزز ، أشعر برغبة شديدة في تكسير المذياع حين أسمعه !
وصلنا الى ولاية الداخلة في الساعة السابعة مساء، كان الظلام قد غطى الولاية بالكامل ، أنوار محتشمة تخرج من امام كل خيمة، مزالت الولاية تنتظر المسؤولين بالتحرك لتزويدها بالإنارة العمومية في الشوارع الرئيسية!
توجهت مباشرةً الى خيمة "زوينوهة" كنت أريد لهذا لغز ان ينتهي، بدأت أشعر بأن للعنة الطلسم تطاردني في كل مكان، وقفت امام الخيمة كالعادة لا تسمع الا صوت بعض الحمير او أصوات بعض الكلاب البعيدة، إضاءة الخيمة كانت ضعيفة جدا، وصوت آنين وشخص يكح داخل الخيمة، حمدا لله انها لم تموت بعد! دخلت وقفت عند رأسها وقلت
السلام عليكم كيف حالك !؟
أنت جيت! الحمدلله على سلامتك! كنت شاك عنك نسيتني وهربت عني ولاتليت مذكرني ! انت باطل شعدلت وشگالك عمار!
قصة طويلة ، ذهبت الى بشار، لمهم الطلسم يحتاج لكي يفك من طابع!
طابع أش ملعگني! ؟
طابع خاص، تقول التعويذة انه مع صاحبة الطلسم اي مع سوكينة ! والسكينة ماتت اذن لن يتحرر ابنك الا بهذا الطابع! الا اذا كانت تركته عند إبنتها!
اذهب وسأل إبنتها ربما وجدت عندها الطابع! فهي أكيد تحتفظ بأغراض أمها!
حسنا، اين هي خيمتها!؟
اول خيمة شمالا ، قل لها انك من طرفي، فقد حدثتها عنك، قلت لها انك طبيب خاص يكشف عن الشيوخ و العجائز
حسنا،
كانت خيمة إبنت سوكينة ،أكثر نشاط وحيوية، اصوات اطفال، صوت التلفاز مرتفع على قناة طيور الجنة، وقفت عند باب المنزل وقلت
السلام عليكم
وعليكم السلام
اسف على زيارتي في وقت متأخر، انا أحمد طبيب زوينوهة
مرحبا وسهلا تفضل
أشكرك، لكن قالت لك زوبنوهة ان كانت امك تركت عندك طابع قديم
الله يرحمها لم تترك لنا شئ! بعض الملاحف والاحذية فقط، لم تكتب وصية ولم تعطيني شئ اطلاقاً !
تذكري أي شئ، ربما أعطتك طابع او جهاز او صندوق!
لا، اسف ياسيدي لكن أمي لم تترك لنا أي شيء!
رجعت الى زوينوهة أجر أذيال الخيبة، لقد إنتهى اللغز، ولم أفلح في حله! لقد سافرت وتعرضت للحوادث في سبيله وفي الاخير أجد نفسي مهزوم ،
لالالا مستحيل يحصل هذا ،!
لابد ان الله الذي بعثني اليهم لإنقاذهم لن يضيع تعبي ووقتي هباءاً ،هناك حل أكيد، لكن أين! أكيد لا يوجد ف سوكينة ماتت و إبنتها قالت إنها لم تترك عندها اي طابع اذن إنتهت اللعبة الى الابد!
دخلت على زوينوهة وجدتها جالسة تنظر بشوق كبير ولهفة للخبر وقالت
ايو ياوليدي جبرت شي !
كان يشع من وجهها نور غير طبيعي كانت تحلم ان تحتضن إبنها الليلة ويرجع الى أحضانها
نظرت اليها في إنكسار وقلت
للاسف لم تترك سوكينة اي طابع!!
هي لم تأتي معها من أزواد بأي طابع ،لو كانت جاءت بطابع لأعطته لي فهي إنسانة أمينة ووفية، لقد أعطتني المفتاح وهذا الخاتم النحاس الذي أضعه في يدي!
ماذا!!!! ماذا! قلت انها أعطتك خاتم!؟
نعم خاتم من النحاس!
يإلهي نعم نعم هو هو الخاتم ! فالخاتم او طابع لهما نفس دلالة بالعربية ، وأكيد جلول فسر الكلمة بالطابع وكان من المفترض أيضا ان يكون معناها الخاتم!
أعطيني الخاتم
بصعوبة قامت بإخراجه من إصبعها وقالت
خذ ياولدي!
أريد أيضا خصلة من شعرك
قامت بإخراج مشط قديم تحت وسادتها القديمة، كان مشط أسود به كمية كبيرة من شعرها! وقالت
أحكم غايتك ياولدي!
الامر حقا مغرف للغاية لكن في سبيل إنقاذ إبنك سأخذ شعر من المشط!
هل أجد عندك ولاعة! او عود ثقاب!؟
ياولدي الا خرس الكوزينة فيها كلشي!
ذهبت الى المطبخ "الكوزينة" كان المطبخ قديم جدا جدا جدا، أواني متسخة، ورمال تسللت الى داخله، قمت بتسخين الماء في إناء ووضعت بداخله الطلسم وخصلة من شعر العجوز، وضعت في مكان المربع الخاتم النحاسي، حين وضعت الخاتم إختفى الاناة من أمامي مباشرةً وتجمدت في مكاني من شدت الذهول!
الحمدلله اظن إختفى الطلسم و "علوات" تحرر ، دخلت بسرعة الى زينوهة حامل البشارة وقلت لها لقد نجحنا، لا اصدق لقد تحرر إبنك أخيرا
قامت بالبكاء الشديد، كانت تبكي وتكح وتأن من الألم، ثم سجدت لله سجدة شكر، وقالت يجب ان ترحل إليه حالا وتخبره بأن السحر إختفى واني مشتاق اليه، وأريد ان أقبله وأحتضنه وان ينام بجواري وأطلب منه الصفح والغفران
لكن الظلام الدامس يأزينوهة!
خذ مصباح يدوي وذهب حالا، لن أنتظر الى غدا لأحتضنه، أرجوك ساعدني هذا أخر طلب
حسناً حسناً، سأذهب، لتكتمل قصتك مع إبنك وإستريح من العذاب الذي عشته نعكم طيلة شهر كامل!
أقدر لك هذا يإبني
الظلام الظلام، البرد قارص ، وصمت يخيم على جنوب ولاية الداخلة ، توينقشت كانت كعادتها مكان مخيف في الظلام، كل ما تقدمت خطوة جنوبا اليها، تبدأ تتخيل الاشباح والعفاريت، الصمت الرهيب ،والرمال السوداء والاحجار المخيفة التي يخيل اليك انها مكان للجن و العفاريت، كان ضوء المصباح اليدوي هو نور الوحيد في تلك البقعة المعزولة المخيفة!
تسلقت الهضبة الرملية التي وجدت "علوات" عليها أول مرة، لكني لم أجده هناك، لم أجد له أثر، نظرت في كل مكان بالمصباح ولم أجد له أثر!
بدأت أبحث في كل مكان، لم أنم تلك الليلة كنت فقط أبحث وأصرخ في كل اتجاه
علوااااات. علواااااات علوااااااااات
كان صوت الصدى الصوت مخيف جداً، تشعر ان شخص أخر يردد كلامك ويقترب منك، كان صدى الصوت مخيف جدا في تلك اللحظة
مع مطلع الفجر بدأ النور يتسلل الى توينقشت يزيح ظلام الليل الدامس ، توجهت جنوبا وعلى مسافة واحد كيلومتر وجدت أمامي مغارة كبيرة على شكل كهف مظلم وطويل ، أمام المغارة مئات بل ألاف من رؤوس حيوان الضب، وجلودهم مرمية في كل مكان، بعض جلود الارانب وثعالب ايضا، أظن ان علوات كان يعيش فقط على طعام الحيوانات والحشرات! ربما كان يأكل الفئران والجربوع ! ربما أيضا كان يشرب دمائهم! لا أعلم لكن من يعيش في تلك المنطقة المهجورة ومحكوم عليه بالوحدة والعزلة أكيد سيأكل الحشرات ويشرب الدم وربما يشرب بوله !
تقدمت خطوة الى الامام وتجمدت في مكاني وكاد أن يغمى عليها من هول المنظر الذي أمامي ........ بتبع
_________________
سر توينقشت
الحزء الحادي عشر
Hamodi Salek
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق