قصة اجتماعية : الكائن المستفرغ..
المخيم. ....المخيم..... المخيم ..عنوان عريض يكفي وحده لتفهم معنى الاستفراغ والحزن الذي نعيشه ربما لو فكرت قليلا في كلمة مخيمات اللاجئين ستجد كل الاجوبة التي تبحث عنها ياصديقي.!
____________-__
إستيقظ كعادته صباحا مع صوت المؤذن لصلاة الفجر، كان المنبه لايزال يرن على انغام اذان الحرمين، يمسك هاتفه يتفحصه بعين واحدة أشعل بيانات الهاتف وارسل رسالة لعشيقته الخمسين بعد المئة
"گومي صلي وني بيك "
وينام هو دون ان يصلي!!، هذه عادته مع كل ضحية له في شبكات التواصل الاجتماعي،يتفنن في صنع شخصية الامام الزاهد والمحافظ على صلاته، كان بارع في تمثيل دور الرجل المسؤول والشاب المجتهد الطموح والعامل الذي لا يتعب من عمله..!
ينام الى وقت الظهيرة ،يستيقظ برائحته الكريهة التي هي مزيج بين الدخان والعرق واروائح النوم ، يخرج من البيت رث الثياب يحمل تكشيرة مخيفة يجلس خلف البيت وينفث اخر سجارة له ويفكر بالطريقة التي سيطلب بها امه المسكينة النقود لشراء علبة جديدة من السجائر، يفتح بيانات الهاتف، ويرسل رسالة الى عشيقته وتعيسة الحظ
"ووووف، الا من كيفني جيت من شغلة ومتمرث حتى الايسمحلك مني جابر ياسر من الويل ، حاني نغسل ونسحم ونصيبلك "
تشعر المسكينة بألامه وتبادله الشعور، والاهتمام وتقول :
على راحتك وني بيك....!
يدخل على امه وأخته بتكشيرته المعتادة و رائحة التبغ تفوح من جسمه قبل فمه ويقول بصوته الذي يحمل نوع من التعالي والاستحقار
"فيطمتو -اخته- گومي وجديلي فطوري "
فتنتشر في الخيمة رائحة مستنقع كريه من افراط التدخين ، يجلس بقرب امه بعدما رحلت اخته المسكينة لتحضير الفطور ويقول:
"الوالدة ولدك محتاج اعشر الالف ،نخلص شوي من ادين عليا وندور مارديتهملك "
فتقوم امه بكل حنان وعطف وتخرج له بعض النقود، هي تعلم انه يريد فقط شراء التدخين لكنها فضلت ان تعطيه المال بدل ان يسرقها او يصبح سارق وتكون تلك هي الفضيحة العظمى!
يمشي بين الخيم يستمع الى اغاني "الراي" الصاخبة ، يُحيّ هذا ويسب ذاك، يقف عند كل متجر يبحث عن من يجد عنده علبة سجائر، يتجه نحو خيمة صديقه حيث يجتمع الاصدقاء بعد ظهيرة للعب الورق"مرياس" ، ويلعبون وعند خسارته يفتح بيانات الانترنت ويكتب رسالة الى تعيسة الحظ
"الا سمحيلي ماگديت انصيب بيا اللهم لاهي نگيل، متعب حتى عشية نكلمك مطرح وني بيك "
يتناول الغداء عند اهل صديقه وسط تظمر اهل صديقه من كثرت اصدقائه ولعبهم المتواصل عندهم ، يخرج من عند صديقه بعد ان لعبوا المقابلة الاربعين بعد المئة في "مرياس" يشعل سجارة يستمع الى الموسيقى ثم يتجه نحو متجر صديقه ليشاهد مقابلة في الدور الاسباني، يجلس ويمسك ب "الطبلة" ليصنع الشاي لان صديقه منشغل مع الزبائن مع اللبيع والشراء، يفتح الانترنت ويتكلم مع تعيسة الحظ :
سلام وني بيك،. تصدقي كيفني استرحت، كنت نعدل شي من اللهم الياسر تعرفي انا هو كبير العائلة والهم كامل فوق راسي والا يسمحلك مني وتوف
حاس بيك، الا تهل فراسك ولا تكدر على راسك بالشغلة اهم شي صحتك وني بيك
تلك العبارات تثلج قلبه ويشعر بطعم النصر، و في المساء يتصل بتعيسة الحظ ويتكلمون ويتكلمون ويتكلمون ويثرثرون ويتسامرون ويتضاحكون ثم في وسط الكلام يقول
اسمحلي وني بيك المغرب اذن، والصلاة تناديني، عاگب المغرب نكلمك وني بيك
حكلا دعيلي فصلاتك وني.....
ثم يجلس يشعل سجارة ثم اخرى ثم أخرى يذهب لقضاء الحاجة يعد الوقت حتى يمضي وقت الصلاة ثم يتصل مرة اخرى دون ان يصلي ، والايمان يشع من فمه ويقول
كنت الا ندعيلك فصلاتي، ولانسيتك !!
ثم ينهي الاتصال، بحجت انه مشغول حاليا، ليتصل "بتفرح " ثم وبنفس المسلسل ينهي الاتصال ليتصل ب "غلانة" ثم رعبوب، وهبة والمعلومة وغلوهة والسالمة ومحجوبة حتى يصل الوقت الى منتصف الليل.
يرجع الى بيته وحيدا، يشعل بيانات الانترنت، ويتراسل مع مئات الفتيات، عشرين في الوتساب، واربعين في الماسنجر، و خمسبن في حسابه الاخر، واخريات يتكلم معهن في رسائل الهاتف لان هاتفهن متعطل ولايملكن هاتف حديث، ومن كرمه وجوده سيشتري لهن هاتف بعد ان يستلم راتبه الشهري المزيف...!
الرابعة فجرا، بعد ان وزع رسائل الغزل والغرام متبوعة بأدعية من أحاديث الرسول عن النوم على عشيقاته، واخبر طبعا تعيسة الحظ انه سيقيظها لصلاة الفجر، حين يذهب الى عمله باكرا كما يزعم .!، ينام #الكائن_المستفرغ ليتكرر اليوم كغدا و كبعد غدا وكالشهر القادم وكالعام القادم......!
ينام الكائن المستفرغ بعد ان أوهم تفرح بأنه يعمل في الخارج وسيتزوج بوهبة في اقرب وقت، وكذب على الغالية على انه تاجر كبير، والمعلومة على انه يعمل في إحدى الوزارات، وعلى السالمة بأنه يملك احدث السيارات.
ينام الكائن المستفرغ وهو خاوي الجيب بلا طموح بلا اهداف بلا مستقبل بلا #گارو، ينتطر االصباح ليكذب على امه ويمثل دور جديد من اجل ان تعطي له بعض النقود...وهكذا هي حياته !
كنت دائم أرى ان الكائن المستفرغ كائن مظلوم، ربما الظروف ظلمته او المحيط، ربما حياة الاستعمار واللوجوء في المخيمات كانت السبب لجعل نسبة 70% من شبابه كائنات #مستفرغة
"، كنت ابحث عن اجابة مقنعة من افواه تلك الثلة القابعة تحت ظلام المنازل، تلك الثلة التي وجدت القليل من ذاتها في شبكات التواصل ورسمت لانفسها شخصية وهمية تعيش ولو القليل من الاحترام والسلم الداخلي مع ذاتها التي اختفت في رمال المخيم الكئيب..!
إتجهت نحو ما أسميه الكائن المستفرغ اعرفه حق المعرفة، وجهت له سوال بسيط
هل انت راضي عن حياتك الفوضوية التي بلا معنى!؟ هل انت راضي ان تصبح في مكانك ابد الدهر لا تتحرك!؟ هل انت راضيا عن شخصيتك نفسك طموحك مستقبلك امالك افكارك اهدافك نفسك ذاتك!... "؟
إلتفت وضحكة ضحكة زائفة حزينة وسكت وأشعل نيران سجارته ونفث بعيدا عني وظل يراقب الدخان الأبيض الذي يخرج من فمه ثم قال بتهكم وحتقار وثقة في النفس :
المخيم. ....المخيم..... المخيم ..عنوان عريض يكفي وحده لتفهم معنى الاستفراغ والحزن الذي نعيشه ربما لو فكرت قليلا في كلمة مخيمات اللاجئين ستجد كل الاجوبة التي تبحث عنها ياصديقي..!
لكن سأجيبك لكن بالهجة التي تفهم لكي تستوعب كلامي جيدا لاني لا احب التكرار الكلام.!
من البداية يالمثقف باش تگد تفهمني
البداية تخلگ في المخيم، تشرد وجوع واحتلال وفقر وجهل، تگرا هون في المدارس تعليم ضعيف جدا، معلمين اضعف من ذاك .
تگيس الجزائر تتعلم شوي من الحروف وتتعلم اكثر شي التدخين والسرقة والمشاكل وياسر من شين سعد .اهلك مايسول نت شخلگلك من تكرفيس يسولو الا عن كم معدلك يعملك منجح الا بعشرة تامة..!
طبعا الاهي تجيك فم سن المراهقة لاهي تحاول تحكم رقم طفلة من احد المراكز القريبة وتعيشو قصة حب مزيفة فم تجابرو فشي من ذكريات الوطنية ..!
تتخرج فحالة تخرجت اصلا ، المهم تفوت نص عمرك تلود لشغلة ولجبرتها تجبر شغلة بسيطة براتب هزلي مايكفي لشرايا تباكة . تلحگ سن الثلاثين تنجن امك وخواتك واهلك وعشيرتك لما تخيمت، ويتمو حالين بيك يلين تتخيم ، طبعا ويوحلوك في الخيمة ويمشو عنك!
عت بخيمتك خلاص ماتليت تفكر ماهو بالفظة وشغلة والمال ونقود والدراهم وراتبك لعت بيه يوفا نهار ثاني من استلامك لو..! يلين تتخيم متلا عندك وقت باش تظحك ولتلعب ولا تسدر تعود الا ماكينة تلگط الفظة وتوف..!
لگست الشغلة الجميع يشكي، لگست تاجر يشكي الوزير يشكي للجميع يشكي والفظة ماهي خالقة.
لعت تسدر فليل متهم بالمخدرات والسيبة، لگست المسجد وصليت متشدد ومن داعش ، تشتغل يتعينو فيك، تگعد عند اهلك وليد اما صبيلي ودويني ورظيلة .
تكثر عليك الهموم ومشاكل تركة ويعود خاصك تعود منافق تظحك مع ذا وذاك وذاك كانهم يدينو عليك ويرخولك الدين...!
عاگبذاك ينبت الشيب وتدخل سن الشيخوخة طبعا تموت.... تندفن.... ولاعايشك حد ولا مسول عنك حد كانك جيت لذي الدنيا ومشيت وتجري وارا الهم والشغلة واالفظة يلين تموت .! ذيك ساعة متلا ينفعك ندم وحياتك ماعشتها.... وانا حاس عني عايش حياتي وراضي عنها... فهمت يالمثقف!
تصدقك. اكتشفت انك افضل مني في جزئية مهمة!
شنهية؟
انت رغم فراغك وجهلك وقلة امكانياتك، لكنك فاهمة الحياة صح ،فاهم نفسك، فاهم كيف تدور الدنيا، فاهم معنى الحياة بصفة عامة ، رغم ان حياتك بلا معنى لكنك أحببتها
وأنا بعد كل هذا العمر وادعي الثقافة والعلم لا ازالت لم اعرف نفسي ولا اعرف معنى الحياتي .............!!!!
------النهاية
تحياتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق